قصائد 1

لاحق

وائل شعبو

 

ضرير كالمرآة

صباح منمَّش على خدِّ السماء

خبيء الرماد الصافي

صباح بدفء الكفن

بين الجرح والألم

هو هذا القلب الشاحب

كظلِّ الساق المبتورة

ينفض رذاذ الضوء

بين هَسْهَسَةِ الليل

والشمس المبتردة في الغروب

يلتحف ورقة التبغ الشقراء

يغذِّي النبض

بأوسع موجة ترحل قرب القلب الضرير

يتلمَّس مرآته.

*

 

كائن الحب

لأن غبار الغروب يهيل على عيني دمعات الخريف

لأن المطر الساقط

يثقب أضواء المساء المدمَّاة على الرصيف

لأن حبر الليل

يرعف على وجهي فحيح الكلمات

لأن أذان الفجر

يهصر قلبي كجنازة

أغمى إغماءة الجبل المنكفئ على الغيم

لأن

أنا

لأحبك.

*

 

بنفسجية

المهرِّج الصامت

الواقف عند طرف عينيك

يبكي عندما لا تبتسمين

يدوخ مغمض العينين

على ثوبك الذي ترقصين

شاهقًا في ارتفاع أنفاسك

يسقط قلبُه

على شوك البنفسج

النابت على شفتيك.

*

 

وجهي الذي لي

عابرًا بين خطوط فراغه

– وجهي –

الملصَق على زجاج السيارة

الجانحة عند المنعطف

كدرب ريفي

يمرُّ بين أحراش ملامحه

خطُّ الدانتيل البارز على ردف الصبية

أو في مغائر أفكاره

غيمة مجعدة على طرف السما

تأخذ الشكل الفجائي

لانطباع الموجة الحمراء

على وجه الشارة الصامتة.

 

أين أذهب بوجهي؟

لما على التلفاز تظهر

المجازرُ الحية

الحزينة

البلاجدوى.

*

 

ملامح

وجهُك

ببتلات المطر على خدود السماء

يحكُّ جبينَ الصيف

المتعثِّرَ بالعشب الموطوء من الشمس العارية.

 

خمرُك

نومُ البريق في القعر الباردة

تمزُّقُ نيزكٍ

في النبضة المنقبضة لعَتْم القلب.

 

نبضُك

ثديان يرتجَّان كالماء

يتلاثمان

يذيبان بالدم العسل.

*

 

نسمِّي رغوة الكلام بيننا

تعرَّفنا إلى رامبو ونسيناه

تذكرين؟

على طريق قُبلتنا المترددة

تحت أورفة الكينا الباردة

كنا نشتهي حوافر ريح المتنبي

لنقفز فوق نهر الجرائد

الجاري في أيامنا

تتذكرين كيف نسيناه، الصبيَّ المشنوق بصرخته

تتذكرين زهرته؟

عند قُبلتنا المترددة

بين أفخاخ عيون الجماهير

كنَّا نسمِّي رغوة الكلام بيننا

على نداوة جناح الفراشة

وتثاؤب الشعاع

من لَمْلَمَة الظلمة السادرة

في اختلاط أصابعنا بوجهينا

ترتسم عليها

زهرةُ الصبي

الذابلة في صرخته.

*

 

محبوسة في نصفي

سأحبُّ رقاقة السماء

وشظية من غيمة على زهرة قمح

تنبت في سهل المغيب

في المسافة بين الكلمة والكلمة

نصف مجرة

ونصف قلب مهجور.

 

بارد فمي في تنفسك

بالتوق لإغماضتك

المنثورة في عيني

أقف ساهدًا فيك

بين صمتك في فمي

وصياخك في أذني...

 

يكتمل نصفُنا

لما يكمل باقي التاريخ

نزيفَه.

*

 

دوائر الدخان

متواعدان

بين دوائر الدخان

تُنهِكُها المسافاتُ الصغيرة بيننا

: في الصباح قال لي موظف الهجرة

أعطني رشوتي كفاف يومي

لم نبكِ.

 

جالسان

وفي قلبينا تَعْلَقُ دوائرُ الدخان

في احتضان يدينا

لكفِّ الشحاذة

المتدلِّية من كف الله

لم نبكِ.

 

عائدان

من لحظات البرد الحنونة

المهمَلة في الشوارع

تنسلُّ من ضميم أصابعنا

دوائرُ الدخان الواسعة الغائرة في عيون الناس

تحزُّها

تتبعثر على رصيف موعدنا القادم

ولم نبكِ.

 

وحيدًا

وعلى التلفاز

تعربد السرطانات اللزجة في خيام الرمل

تلبُد شهقاتُنا في رئتيَّ

...

أبكي

تنامين في أوجاعي

في دوائر الدخان

تتناهشني انفلاشاتُها.

*

 

شعر... يا لضجر الموت!

للطَّير مطاردة المعنى

من معنى إلى معنى

أو كما تسأله الغصون:

لماذا تعارك أفكارك؟

مزخرِفًا احتراقاتِها

على طمأنينة الماء

تكشف عناصر الثدي الأول

تشعل ريحًا من طلع قوس قزح

تتوهِّج في عقل هرمس

يهجِّي أحجياته.

*

 

من ضجر الكلمات

بغتة القصيدة

تحت طية النهد

أو في أطراف ثلج الحقول

قصيدة تُبَرْعِمُ أوارها

لبحر عالٍ هامة الكلمة

تعصره الأصابع اللبون

في العيون الحالكة البريق

من شذرة الشفة البيضاء

أو

في الأزرق الغامض أبدًا.

 

بغتة القصيدة

ألف كلمة تنغرز

لينزف وحيدًا معنى.

*

 

غيمة على مرايا المدينة

غيمة صارخة على زجاج النافذة

من ندوب السماء يترقرق لهاثُها

دافئًا

في الأزقة العالقة

على وجه المدينة.

 

غيمة سارحة فوق الغابة البيضاء

تشرد بقمر يسيل في نومٍ كَناسِ المدينة

ينحت وجوههم

من غبار الأرصفة.

 

غيمة بردانة الأمطار

حاك الحَوْر من وَبَرِها قمرًا

يتدفأ به

من عُرْيِ المدينة.

 

غيمة مرسومة على وجه طفل

أغْفَتْ في دفتره

محبوسةً بخطِّ قلم الرصاص

تعصر نهديها

لتسقي غرباء المدينة.

*

 

شرود

كيف لغابات الشهب الهاربة من فضائها

تلتمع في شرودي

يُلَمْلِمُ قطراتِ المطر الساقطة

في الأزقة المهجورة

ترتجف فيها

أقواس قزح المبقَّعة بعينيك

تغصُّ بهما الذاكرة

وأنا أغسلها بيديك

لتمسحي عن وجهي غبار الشتاء.

*

 

حالات

1

دائمًا أهديها مروجًا من الذاكرة.

دائمًا تحرقها.

2

لأنه يخاف القمر

لا يلوِّث فمه

بغير قبلة حب.

3

قصاصات الورق هذه

كيف تتحول إلى قصائد؟

كيف ينبت الزَّغَبُ الحميم

في بياضها؟

4

وجهي مئذنة

تكفر بالريح.

5

يا ربِّي الصغير الجميل

دعني أراها كلَّ يوم

لأبصر كلَّ يوم.

6

هي...

أجمل من أن تموت

وأعلى من هَوْلِ مقصلة.

7

يا عينيها

يا غَمْرَ العيون

يا غربةً في قلوبنا

بيضاء.

8

كم أنت مُتَشَهٍّ أيها الشرق

كحُبلى بلا كلال

تلد الشهوات.

9

أرى عضوي منتصبًا

في الظلمة وحدي

فأشهق.

10

لأنني أحيانًا أشعر أن

جزءًا من غيمة ليلية قمرية

أفسح بكثير مما عشت

مما عشت.

17

صديقتي المحجَّبة تصلِّي

لكني لا أصدِّقها

إلا عندما تبتسم.

18

أبدًا

ما تبدؤه الحياة

لا ينهيه الموت

أبدًا.

19

كم مرةً إلى الأبد

عليَّ أن أكتب القصيدة

كي لا تموت.

20

كم مرةً قلت لها

إن رائحة الياسمين ذكية

وليست زكية

لم تصدِّقْني.

21

أنا الورقة النائمة على خدِّ الريح

لن أموت في جهة ليست لي.

22

نصرخ بالعيش

والأرض غربتنا.

23

الشجرة العلى الرصيف

زمنًا بزمن

تحتضن عمود الإنارة.

24

عند الفجر، القمر الهشُّ

البرودة المتألِّمة على وجه القمر

عند الفجر

قبالة الخريف.

25

إليكِ

لأني أحبكِ أكثر منك

لأني أحبكِ

أكثر مما تستطيعين.

26

هنا الآن

المحجَّبةُ عقولُنا كالعورات.

27

ابتسامتكِ

شوكولاتة زرقاء.

28

ما الغيمة؟

الكلبة بنت الكلبة

دائمًا في حلمي.

29

الشاعر لا يكتب الشعر.

الشاعر يصنع الشعراء.

30

ستموت أمي

وكفى أن تعلموا

كم أنا حزين.

31

آخر ما أتمنَّاه

أن أقابل الموت مبتسمًا

شامتًا بمن سيتبقى من أحياء.

*** *** ***

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال يوسف وديمة عبّود