|
أسطورة
شغلتْ ظواهرُ السماء ومتغيراتُها – من حركات الكواكب والنجوم ومواضعها، إلى كسوف الشمس وخسوف القمر، إلى تعاقُب الفصول وطولها واختلاف مواضع شروق الشمس وغروبها على الأفق، وغير ذلك من الظواهر – اهتمامَ الإنسان القديم. ولأنه لم يكن لديه آنذاك تصورٌ صحيحٌ عن الكون، ولا فهمٌ لماهية أجرامه وتطورها، ولأنه كان يفتقر إلى فهم حقيقة ما يشاهِد في السماء، بدأ بنسج أساطير وخرافات افترضت أن لنجوم السماء قدرةً على التحكم في مصير الإنسان وحياته وأنها تتحكم في الفعاليات الأرضية كلِّها. آنذاك لم يكن هناك فصلٌ بين علم الفلك وبين التنجيم الذي يدِّعي التنبؤ بالغيب استنادًا إلى حركات أجرام السماء، وذلك دون اعتماد المنهج العلمي. علم الفلك astronomy، من ناحية ثانية، نهج علمي يختص بدراسة كلِّ شيء في الكون (خارج الأرض). وكلمة astronomy يونانية الأصل، وتتألف من مقطعين: astro (نجم) وnomos (قانون). أما كلمة فلك عند العرب فتعني مدار النجم. وكان يُطلَق على علم الفلك عندهم علم الهيئة أو علم النجوم، دون فصله عن التنجيم. والأمر نفسه في خصوص المنجِّم: فهو الذي يشتغل بأحد العلمين أو بكليهما؛ فالمنجِّم هو نفسه الفلكي.
حسن سلمان: شهدتْ مسيرتُك الفكرية منعطفَين أساسيين تنقَّلتَ خلالهما بين الفلسفة ودراسة الأسطورة وتاريخ الأديان، لتستقرَّ في النهاية على المحور الثاني. فما الذي دفعك في البداية إلى دراسة الفلسفة؟ ثم ما سبب لجوئك فيما بعد إلى دراسة الأسطورة والدين؟ فراس السواح: يولد الإنسان ومعه دافعٌ طبيعي إلى التساؤل. هذا الدافع يخبو لدى معظم الناس تحت ضغط الشروط المادية للحياة اليومية، بينما يبقى متأججًا لدى القلَّة. وأنا من هذه "القلة" التي بقيت أمينةً على التساؤل، حتى بعدما رأت أن الأسئلة الكبرى لا جواب عنها، وتحوَّل لديها السؤالُ إلى ما يشبه الجواب! ومَن يبقى "أمينًا على السؤال" يبحثْ حوله عن "المتسائلين" من أمثاله، لعلَّه يجد لديهم ما يُعينُه على حيرته العقلية والروحية. وهذا ما دفعني في سنوات الفتوة الأولى إلى دراسة الفلسفة، بعد أن تبيَّن لي أن الفيلسوف لا يُجيب عن أسئلة متفرقة منعزلة، وإنما على عدد من الأسئلة الأساسية التي تقود الإجابةُ عنها إلى تشكيل نظرة كلِّية إلى العالم والإنسان والحياة.
|
|
|