|
منقولات روحيّة
1 لعل أولى التساؤلات التي من الممكن أن يطرحها القارىء غير المطلع على ما تعنيه القبالة هو: ما هي القبالة؟ ومن هو صاحبها؟ وما هي تقسيماتها؟ وما هي تعاليمها الأساسية؟ ولماذا يتوجب علينا الآن وفي هذا الزمن الحاضر ترجمتها وشرحها؟ 2 سأبدأ بالإجابة على السؤال الأخير، لأن موجةً عارمةً من الفكر السرَّاني تنتشر اليوم في المجتمع؛ فالبشر الذين يفكرون بدأوا يعون واقع أن "هناك أمورًا في السماء والأرض تفوق كل ما حلمت بها فلسفاتهم"؛ وأخيرًا وليس آخرًا، لأن هناك شعورًا بأن الكتاب المقدس (التوراة)، الذي أسيء إليه أكثر من أي كتاب آخر، يتضمن ما لا يحصى من الفقرات الغامضة التي لا يمكن فهمها من دون مفتاح يوضِّح بعض معانيها. وهذا المفتاح نجده في القبالة. من هذا المنظور يعتبر هذا الكتاب مهمًا لكل دارسٍ للتوراة وللاهوت. فليسأل كل مسيحي نفسه السؤال التالي: "كيف بوسعي أن أفهم العهد القديم إن كنت أجهل كيف بني من قبل تلك الأمة التي كتبته؛ وإن كنت لا أعرف معنى العهد القديم، كيف بوسعي أن أفهم العهد الجديد؟". لأنه بمقدار ما نفهم فلسفة التوارة بشكل أفضل، بمقدار ما يتضاءل التعصُّب ويقلُّ عدد المتعصبين.
يُضيِّع عامة المسْلِمون جهودَهم ووقتَهم سدىً في إثبات عدم تحريف كتابهم المقدَّس "القرآن" وفي إثبات تحريف كتاب غيرهم، "الإنجيل" أو "التوراة". كذلك فإن عامة المسيحيين ليسوا أحسنَ حالاً من عامة المسْلمين، فهم الآخرون يُضيِّعون وقتَهم وجهدَهم سدىً في إثبات صحة كتابهم وفي إثبات تحريف القرآن. إنَّ ما يفعله أغلبُ المسلمين والمسيحيين واليهود وكل من يتمسَّك بالحَرْفِ – من خلال فهمهم العامّي لدينهم – لا يدلُّ سوى على تخلُّفِ مستوى وعيهم؛ فهم يَرَون عيوبَ الإصبع التي تشير إلى الشمس وتعمى أبصارهم عن رؤية الشمس! ويضيع أتباعُ العقائد والأديان في متاهات حروف الرسالة الروحية ويُقفِلون قلوبَهم عن فهم مراميها.
|
|
|