|
التحويل إن الهدف
الإجمالي من سياسة التحويل reconversion هو تقليص النفقات المخصصة
للتسلح بتحويل الاستثمارات العسكرية إلى
استثمارات مدنية. سياسة كهذه هي أحد العناصر
الرئيسية لعملية العبرتسلح transarmement الهادفة إلى تمدين civiliser الدفاع وإلى لاعسكرة démilitariser المجتمع. إن
للمجموعات الصناعية–العسكرية التي أُنشِئَت
في قلب المجتمعات الحديثة، بتحويلها موارد
كبيرة جدًّا لصالحها حصرًا – ولسنا نغالي،
على ما يبدو، إذا تكلمنا في هذا الصدد على
تبذير حقيقي –، نتائج فاسدة عديدة على اقتصاد
البلدان الصناعية. فمن الثابت بالبرهان
القاطع أن الأبحاث لأهداف عسكرية تحتل مكان
الصدارة في ميزانيات البحث العلمي للدول
الحديثة. وهذه الأولوية الممنوحة كثيرًا ما
ترغم المجتمع على التسول على الساحة العامة
لتمويل الأبحاث الضرورية في مجال الصحة.
ينطوي مثلُ هذه الممارسات على "خيار مجتمعي"
حقيقي، في حين أنها ليست موضع أيِّ نقاش
ديموقراطي. يحاول العلماء أحيانًا تبريرَ
تعاونهم مع مشاريع عسكرية بتأكيدهم أنها تثمر
عن "محاصيل مدنية" عديدة؛ أما في الواقع،
فيتضح أن هذه "المحاصيل" محدودة جدًّا.
وفي الحاصل، قد يكون الاستثمارُ مباشرةً في
البحث المدني أجدى قطعًا وأقل تكلفةً بكثير
وذلك بتجنب سلوك الطريق الموارِبة للبحث
العسكري. تبيِّن
تجربة العديد من التحويلات التي كانت ضرورية
في نهاية الحرب العالمية الثانية، سواء في
أوروبا أو في الولايات المتحدة، أن التحويل
ممكن تقنيًّا وأنه يمكن له أن يتم في شروط
مُرْضية للبشر وللاقتصاد معًا. غير
أن الصعوبة الكبرى المزعومة عمومًا هي أن
تحويل مصانع العتاد الحربي قد يؤدي كنتيجة
حتمية إلى زيادة عدد العاطلين عن العمل؛ لكن
تصورًا كهذا لا يتوافق مع الواقع بتاتًا:
فالنفقات العسكرية لا توجِدُ فرصَ عمل كثيرة
نظرًا لأن إنتاج الأسلحة الحديثة يتطلب
تكنولوجيا معقدةً جدًّا تستلزم استثماراتٍ
باهظةً برأسمال ثابت. مذ ذاك، لدى استثمار رأس
المال نفسه، تكون نسبة فرص العمل المحْدَثة
في صناعات السلاح أقل منها في أغلب الصناعات
والقطاعات المدنية الأخرى. فعلى سبيل المثال،
بينت جميعُ التحريات التي جرت حتى الآن أن
تخصيص النفقات العسكرية نفسها للتربية
يوجِدُ ضِعفَي فرص العمل التي يوجِدها تصنيع
السلاح. إن
سياسة تحويل صناعات السلاح تتطلب تخطيطًا
صارمًا يحدد مختلفَ الأهداف التي ينبغي
بلوغها على المدى القصير والمتوسط والطويل.
ونجاح مثل هذا البرنامج يتطلب تشاورًا واسعًا
بين جميع شركاء المجتمع المعنيين مباشرة،
وبالأخص بين السلطات العامة والتنظيمات
المهنية ونقابات عمال قطاع التسلح. وفي إطار
هذه السياسة، ينبغي أن تُحدَّد في آنٍ معًا
غاياتُ إعادة توزيع الموارد المحرَّرة
وكيفياتُها نحو إنتاج خيرات مفيدة
اجتماعيًّا. بادئ
ذي بدء، يمكن لدراسة للسوق أن تتيح تحديد
المنتجات البديلة الوارد اختيارها تبعًا
للحاجات الاجتماعية غير الملبَّاة.
فالتحريات التي سبق إجراؤها تُظهِر عمومًا أن
في الإمكان توجيهَ التحويل نحو سوق التجهيزات
في مجالات اجتماعية تعاني من قصور: النقل
العام، الأدوات الآلية، التجهيزات الطبية،
حماية البيئة، الطاقات الجديدة، إلخ. هذا
وينبغي وضع خطة تحويل لكلِّ مؤسسة صناعية
معنية، وذلك تبعًا لقدراتها التكنولوجية
النوعية ولمؤهلات العاملين فيها. ونظرًا
للمرونة النسبية لتجهيزات بعض المصانع، يمكن
إعادة استخدام جزء من القوة العاملة في
نشاطات تتطلب مؤهلات مماثلة. بيد أنه، فيما
يخص فئات بعينها من العاملين، لا بدَّ من
إعادة تأهيل مهنية قد تطول أو تقصر. بذا
يبدو أن النجوع الاقتصادي والتقني لسياسة
تحويل صناعات التسلح أمر مقرَّر. تبقى مسألةُ
دراسة تعميم التحويل على مجمل القطاع
الاقتصادي المعني واختباره وفقًا للوضع
الخاص بكلِّ بلد. ويتوقف ذلك، في المقام الأول
والأخير، على إرادة صنَّاع القرار السياسيين.
وهذه الإرادة السياسية حصرًا هي أكثر ما
ينقصنا حتى الآن. ·
العبرتسلُّحTransarmement ترجمة: محمد
علي عبد الجليل
|
|
|