إضاءات

حزيران 2015 June

 

كثيرًا ما توصَف الحياة بأنَّها المدرسة الحقيقيَّة. ويتزامن من حيث الواقع دخول الطفل "معترك" الحياة مع دخوله إلى المدرسة، فهو من جهةٍ يبدأ بتكوين استقلاليَّته وصداقاته ويبدأ بوعي حقوقه بقدر ما يُطلَب منه الالتزام بواجباته.. ومن جهةٍ أخرى يزداد عدد الأطفال الذين يلجون "معترك" الحياة بارتيادهم، إلى جانب المدرسة، مراكز تعليميَّة أو تربويَّة أخرى يتَّسع طيفها بما لا يسمح لنا بالمرور عليها جميعًا...

سوف نعود إلى المدرسة مرَّة أخرى وفي فصلٍ مستقلٍّ، لنتحدَّث عن المدرسة من الدَّاخل أو عن المدرسة بحدِّ ذاتها... أمَّا هذا الفصل فسنتابع فيه الحديث عن علاقة المدرسة بالمؤسَّسات التَّربوية الأخرى، وما سأتحدَّث عنه الآن هو نماذج من مؤسَّسات يمكن أن يتردَّد إليها الأطفال بالتَّزامن مع عمر المدرسة.

 

 

مقدمة:

عندما نتحدث عن اللاعنف في التربية علينا أن ندرك أن تصرفات الطفل هي مرآة لسلوكنا كبالغين، فالبالغين لديهم معتقدات عن مفهوم التربية والطفل بمقدار ما لديهم من تجارب وخبرات، تكون مسؤولة عن شكل السلوك المتبع للتواصل مع الأطفال، والذي بدوره يؤثر على شكل ردة فعل الطفل، فبقدر ما تكون هذه المعتقدات إيجابية يكون السلوك إيجابي، وبالتالي تكون ردة فعل الطفل إيجابية، وبالعكس.

 

 

قتلَ الرومانُ أرخميدسَ. بعد ذلك بقليل قتلوا اليونانَ، كما كان الألمانُ سيقتلون فرنسا لولا إنكلترا. لقد اختفى العلْم اليونانيُّ اختفاءً كاملاً. ولم يبقَ منه شيءٌ في الحضارة الرومانية. وإذا انتقلَت منه الذكرى إلى القرون الوسطى فكان ذلك مع الفكرة المسماة غنوصية [عرفانية] في أوساط تعتمد المسارَرة [التنسيب]. وحتى في هذه الحالة، يبدو أنه كان هناك فقط حفْظ وليس استمرارية خلاَّقة: ربما باستثناء ما يتعلق بالخيمياء الذي نعرِف عنه القليلَ القليل.

مهما كان من أمر، في المجال العام، لم يُبعَثِ العلْمُ اليوناني إلاَّ في بداية القرن السادس عشر (إلاَّ إذا كان هناك خطأ في التاريخ)، في إيطاليا وفرنسا. وحقَّق بسرعة كبيرة انطلاقةً مذهلةً فاجتاح الحياةَ كلَّها في أوروبا. اليوم تحمل جميعُ أفكارنا تقريبًا وعاداتنا وردودِ أفعالنا وتصرُّفاتنا جميعًا علامةً تطبعها روحُ هذا العلْم أو تطبيقاته.

 

 

في مثل هذه السنة وهذا الشهر من القرن الماضي، أقدمت حكومة «تركيا الفتاة»، بدافع قومية شوفينية، على مجزرة ضد مواطنيها من الأرمن، أودت بحياة أكثر من مليون نسمة. مجزرة لا تزال الحكومة التركية تكابر في نفيها، ولا تزال دول «العالم الديموقراطي» تراوغ في فرضها. مجزرة استكملها «المستنير العلماني» كمال أتاتورك، حين أقدم على تطهير عرقي شامل أدى إلى طرد ملايين عدة من غير الأتراك المسلمين من ديارهم الأصيلة: ثلاثة ملايين من الأرثوذكس الناطقين أيضًا باليونانية، مئات الآلاف من الأقليات الآشورية والسريانية والكلدانية والمسيحيين العرب فضلاً عن بقايا الأرمن. ترافق ذلك مع الاستيلاء على أراض سورية تقع على امتداد سفح جبال طورس الجنوبي كانت حتى في عهد الدولة العثمانية التابعة لولاية حلب. وتمَّ ذلك بمباركة «الحلفاء» حين عمدوا، بهدف فصل تركيا عن حليفتها التاريخية ألمانيا لاستمالتها إلى جانبهم في صراعاتهم المقبلة، إلى تعديل قرارات «معاهدة سيفر» 1920، المنبثقة عن «مؤتمر فرساي» إثر الحرب العالمية الأولى، وفق رغبات أتاتورك في معاهدة لوزان 1923. وكانت آخر منطقة «مطهرة» لواء الاسكندرون وأنطاكية التي أهدتها فرنسا للدولة التركية قبيل الحرب العالمية الثانية. وتشير الوثائق التاريخية إلى أن هذا التطهير استمر حتى ما بعد الحرب العالمية الثانية، فشمل اليهود أيضًا. فأصبحت تركيا صافية العرق والدين، إلا من الأكراد الذين ساهموا في عملية التطهير، إلى أن انقلبت الدولة ضدهم. يمكن التأكد من ذلك بالرجوع إلى الوثائق التاريخية التي تتكاثر في هذه الأيام، وبعضها بقلم مفكرين أتراك تجاوزوا حدود الخوف (راجع مثلاً العدد الأخير من «لوموند دبلوماتيك»).

 

 

مات يوسف وجميع أخوته الذين أسكنهم في أرض جاسان التي يُفترض أنها تقع في منطقة دلتا النيل، ولكن ذريتهم نمت وتكاثرت جدًا. ثم قام ملك جديد على مصر لم يكن يعرف يوسف، أقلقه تكاثر هؤلاء الغرباء وخشي إذا صارت حرب أن ينضموا إلى أعداء مصر، فوضعهم تحت الرقابة وسخرهم في أعمال البناء، فأشادوا للفرعون مدينتي مخازم فيثوم ورعمسيس. ولكن اضطهاد بني إسرائيل لم يعمل إلا على زيادة تكاثرهم، وهذا ما دفع الفرعون إلى إصدار أمرٍ بقتل كل مولودٍ ذكر يولد لهم (الخروج: 1). في هذه الأثناء:

 

تمَّ اكتشاف أنقاض مملكة إيبلا القديمة في شمال سوريا في الربع الأخير من القرن العشرين على يد بعثة أثرية إيطالية بإشراف الباحث الآركيولوجي الآثاري الشهير باولو ماتييه، وتم العثور فيها على العديد من الألواح الحجرية المكتوبة بلغتين وهما لغة إيبلا (اللغة الآمورية السورية القديمة) واللغة السومرية. وهكذا تم العثور على أول قاموس مزدوج اللغة في التاريخ.

 

 

 

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني