english

الصفحة التالية

بحثًا عن الحقيقة
حوار حول الروحانية والموقف من الدين 1/4

الرابي رامي شابيرو

 

سؤال: شكرًا لإعطائي بعضًا من وقتك للتحدث معي أيها الرابي. فقد تابعت أعمالك بالتفصيل لسنوات، وأود التحدث عن مكانك روحيًا.

رامي شابيرو: أهلاً بك.

سؤال: عظيم. لدى تحضيري لهذه المقابلة قيل لي إنك متناقض فيما يتعلق بهويتك اليهودية. هل بوسعك توضيح هذا الأمر؟

ر. ش.: أنا لست متناقضًا على الإطلاق بشأن يهوديتي، فهي واحدة من الأمور التي تسعدني كثيرًا في حياتي، لكن صراعي هو مع الدين.

سؤال: لكن، أليست اليهودية دينًا.

ر. ش.: يعتبر الدين – الرسمي، أو الدين المنظم – جزءًا من تلك الأمور المعقدة التي تندرج تحت عنوان اليهودية، لكن هناك أيضًا أشياء أخرى. فاليهودية هي طريقة الحياة لشعب أو لقبيلة يطلق عليها اسم العبرية أو العابرة "Ivri – Apiru" بمعنى العابرة للحدود.

ولكن، في قلب اليهودية كدين، هناك فهم يقول بوجود خالق هو الله الذي اختار اليهود كشعب له، وبالتالي أعطاهم الوحي الصحيح والوحيد، الذي هو التوراة المكتوبة والشفهية، كما أعطاهم أرض إسرائيل الموعودة. وأنا لا أؤمن بكل هذا. فالله بالنسبة لي لا يمكن فصله عن الخليقة، بمعنى أن الله أكبر من خليقته. والله لا يختار شعبًا، أو يكتب كتبًا، أو يتدخل في صفقات عقارية. لأن الدين اليهودي هو مجرد وسيلة من أجل تعزيز ثقة الشعب اليهودي بنفسه.

سؤال: ولكن، هل هذا الاعتقاد خاص باليهود أو باليهودية؟

ر. ش.: كلا على الإطلاق. فقد وجد كل دين من أجل تقديم قضية الذين أوجدوه. فأنا لا أفاجأ ولا أشعر بالإهانة لأن المسيحية تحصر الخلاص بالمسيحيين فقط. أو لأن الإسلام يعتقد أن القرآن الكريم، الذي كتب بالعربية، هو الوحي الإلهي الوحيد غير المشوه. أنا لا أتأثر بمثل تلك الادعاءات. من هذا المنطلق، أعتقد أن الدين الرسمي أو التشاركي هو مجرد وسيلة نعتمدها نحن البشر من أجل إثبات تفوقنا على الآخرين. من هذا المنظور الرسمي، أنا لست متدينًا.

سؤال: من أي منظور أنت متدين إذن؟

ر. ش.: إن كلمة دين مشتقة من كلمة relegare اللاتينية والتي تعني التواصل. من هذا المنظور أنا متدين بمعنى أني متواصل مع الله كما تتواصل الموجة مع المحيط. بالتالي أنا أقيِّم كل التعاليم والممارسات، وبغض النظر عن أصلها الديني، من منطق ما توقظه في الإنسان من شعور بأن الله موجود في قلب الأشياء، ومعها، وليس منفصلاً عنها.

سؤال: لكنك يهودي، أليس كذلك؟ أعني أنه إن كان عليَّ رفض التعاليم الأساسية لمعتقد ولادتي والأخذ بأفكار أخرى لمعتقدات دينية أخرى، فإني لست، بالتالي، من دين ولادتي.

ر. ش.: صحيح، وهذا أحد الفوارق الأساسية بين اليهودية وبين المسيحية. فالمسيحية، أيًّا كان شكلها، هي مجموعة أفكار أمَّا أن تقبلها وإما أن ترفضها. بينما اليهودية هي طريقة حياة القبيلة التي ولد المرء فيها أو التي تتبناه.

سؤال: التبني؟ أنت تقصد الهداية أليس كذلك؟

ر. ش.: مرة أخرى الفارق كبير. فأنت تهتدي إلى المسيحية إن أقسمت الولاء لقانون الإيمان المسيحي. أما اليهودية فليس لها، من منظوري، قانون إيمان. وبالتالي فإنه من الخطأ الحديث عن الاهتداء إلى اليهودية من مفهوم أنها مجموعة من الأفكار يستطيع المرء أن يقسم لها يمين الولاء. فأنت حين تقرر أن تصبح يهوديًا، تعطى إسمًا جديدًا يتضمن دائمًا لقب ابن (Ben) أو ابنة (Bat) إبراهيم وساره: بمعنى أنك تصبح بالمعنى الحرفي ابنًا أو بنتًا لإبراهيم وساره، الذين كانوا أول اليهود. أي أنه حين تصبح يهوديًا فإن هذا يعني أن القبيلة قد تبنتك. وهذا الجانب القبلي من اليهودية هو الذي يسمح لي بالبقاء يهوديًا.

سؤال: أنا لست متأكدًا مما تعنيه بهذا. هل بوسعك أن تتوسع أكثر؟

ر. ش.: بالنسبة لي، أن تكون يهوديًا هو كأن تكون أمريكيًا أصليًا[1]. فأنت تولد وسط قبيلة أو تتبناك القبيلة فتصبح واحدًا من أعضائها. نفس الشيء بالنسبة لليهود. حيث كما أن للأمريكيين الأصليين لغاتهم الخاصة، وعاداتهم، وطعامهم، وقصصهم، إلخ. كذلك لليهود. وكما يعتقد بعض الأمريكان الأصليين أن تقاليدهم أعطيت لهم من قبل الروح الكبرى، يعتقد بعض اليهود أن عاداتهم أعطيت لهم من الله. وكما يستطيع بعض الأمريكان الأصليين أن يمارسوا ويجلّوا تقاليدهم من دون أن يعتقدوا بذلك المعتقد، كذلك بوسع الكثير من اليهود. وأنا واحد من هؤلاء.

سؤال: مثلاً؟

ر. ش.: مثلاً، أنا آكل اللحم الحلال، ليس لأن الله أمرني بذلك، إنما لأنه خلال آلاف السنين ناضل شعبي من أجل إيجاد طريق للارتقاء ولتقديس الفعل الإستهلاكي للإنسان. أنا أعتقد أن الغاية من الأكل الحلال هي تحدٍّ نفسي من أجل أن أترفع باستهلاكي إلى أعلى المعايير الأخلاقية والبيئية الممكنة. الأمر نفسه فيما يتعلق بيوم السبت، فأنا لا أتقيد به لأن الله أمرني بذلك، إنما لأن هذه هي الطريقة التي أجلَّت بها قبيلتي العمل كما أجلَّت الراحة عن طريق تخصيص يوم خاص من الأسبوع للاستراحة واللعب.

كذلك، أقدِّر عاليًا ارتداء التاليت (شال الصلاة) والتيفيلين (القبعة)، والنفخ في الشوفار (قرن التيس) الذي يذكِّرني بضرورة أن أستيقظ لنداء العدالة والرحمة. كما أني أحب قراءة الكتب اليهودية بدءًا من التوراة وصولاً إلى كافكا، حيث أشعر أنها لي بالكامل كما أنها تخاطب العالم أجمع.

سؤال: هل بوسعك أن تحدد لي شيئًا واحدًا يجعل القبيلة اليهودية فريدةً؟

ر. ش.: كي أتمكن من الإجابة على سؤالك عليَّ أن أعرف المزيد عن القبائل الأخرى. ولكن ربما بوسعي أن أقترح شيئًا واحدًا قد يكون فريدًا ربما، ألا وهو الطريقة اليهودية في التعلم. حيث يعتبر اليهود أنَّ الأسئلة أهم من الأجوبة وجوهر تدريسنا هو التعليم الراباني الذي يقول إنه ليس مهمًا أن تكون مواقف الناس مختلفة، لأنها كلَّها مقدسة إن كان هدفها تقصِّي الحقيقة Elu v’elu d’vrei Elohim Chayyim، ما يعني أنَّ اليهودي يجد نفسه في بيته حين يكون هناك حوار، وتكون هناك محاججة ويكون هناك تناقض. لأننا شعب عريق يتمتع بنفسية تجاوزت عصرها. لأن الله أكبر من أن يحدَّ بحقيقة واحدة. ولأن الحقيقة الكبيرة التي تعارضنا ليست مزيفة، إنما هي حقيقة أخرى كبيرة ومماثلة لحقيقتنا.

ترجمة: أكرم أنطاكي

*** *** ***


 

horizontal rule

[1] الهنود الحمر هم سكان أمريكا الأصليين.

 

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 إضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود