| |||||||||||||||||||
علم نفس الأعماق
تمهيد يبحث هذا المقال في ماهية الدالّ the signifier على اعتباره وسيطًا ماديًّا، ومن ثمّ قابلاً للرصد، يسعى بغايته إلى تمثيل كينونة المُسْنَد إليه تمثيلاً مصيريًّا في نهاية المطاف، المسند إليه الذي تستبدُّ به شؤمًا سجايا التردُّد والانقسام والانسلاب في مستوى اللغة. سيبدأ المقال النقاش حول مفهوم ما يسميه لاكان بـ"الدالّ الأصلي (أو البدائي)" primordial signifier، الدالّ الذي يتمّ إدراكه واستيعابه وفقًا لإسنادات المَجاز الأبوي، وذلك لأن الدلالة القضيبية لهذا المجاز، على ما يبدو، تحتِّم تحتيمًا قَبْليًّا سائرَ أنواع الدلالات التي تدلّ عليها الدوالّ (المترتبة) في المسار اللاحق لعملية إنتاج المعنى. بعدئذٍ، سيستدعي المقال من جديد الفارقَ الحَيِّزي بين ما دُعي بـ"الدوالّ الدونَ-لغوية" extra-linguistic signifiers (تلك الدوالّ التي تبتعث دلالاتِها خارجَ اللغة) وبين ما أُطلق عليه بـ"الدوالّ الضمنَ-لغوية" intra-linguistic signifiers (تلك الدوالّ التي تسترسل دلالاتِها داخلَ اللغة)، وسيركز الاهتمامَ، من ثمّ، على سبر أغوار هذه الدوالّ الأخيرة. وهكذا، لدى عرض ما تتضمّنه ثنائية دو سوسور، "الدالّ-المدلول" signifier-signified، من مضامين محدّدة، تلك الثنائية التي يعلق لاكان عليها أهمية كبيرة في إطار منهجه في التحليل النفسي، سيضع المقال التوكيد على التشابه الجوهري غير المُلاحَظ بين دو سوسور وتعريفه لماهية الدالّ بوصفه "صورة سمعية" acoustic image وبين فرويد وتعريفه لماهية اللفظ بكونه "صورة صوتية" sound-image، وسيضع التشديد، بذلك، على التاريخ اللغوي المديد الذي يكمن وراء تلك الثنائية.
يهدف هذا البحث إلى معالجة قضية التقنية العدوانية وعلاقتها بمأساة الإنسان المعاصر المنفعل بعقلٍ متدنٍّ أو تحتي يبرر العنف، ويسوّغ كل أنواع الإدانة، والإدانة المضادة، والاعتداء في سبيل إعلاء شأن معتقده أو موقفه الفكري المحتجز داخل نطاق مركزية الأنا الفردية، أو مركزية الأنا التجمّعية، أو العنصرية، أو العرقية، التي ترفض الحياة في نطاق المبادئ الإنسانية السامية. والحقّ أنّ الإنسان المعاصر يعاني من انفعال نفسي يتفاقم يومًا بعد يوم، ويحتمل أنه بلغ حدّه الأقصى في العصاب، وأدّى إلى فقدان التوازن الداخلي والتكامل المتبادل للوظائف النفسية التي تتميّز بها الشخصية الواعية، المحبّة والمتعاطفة، التي تسعى إلى تحقيق توافق وانسجام مع السلام الداخلي في الكيان، ومع السلام الخارجي في الحياة الاجتماعية والإنسانية.
|
|
|
|