إضاءات

أيلول 2013

September 2013

 

 

المثقف الآن وردة حمراء في عروة بذلة النظام.
يوسف القعيد

على سبيل التقديم

يصعب الحديث عن "أدوار للمثقف" العربي عمومًا والمغربي على وجه الخصوص من دون تحديد هوية هذا المثقف الذي نتحدث عنه، ومرجعيته الفكرية، المعرفية، المذهبية، الإيديولوجية والسياسية... كما أن التباس وتداخل مفهومي الدور والوظيفة يجعلنا ملزمين بطرح سؤال ما المقصود بالدور الخاص بالمثقف هل هو وظيفة أم مهمة إم إبداع؟

وبما أن المثقف هو نتاج صيرورة تاريخية، فالأمر يجعلنا نتساءل هل هو من يكتب للإجابة عن شروط المرحلة التاريخية ومخاضاتها وتحولاتها أم من يسعى إلى نفي المخاضات والالتباسات عن التاريخ؟ أم هو ذلك المثقف الذي يكتب ضد مسار التاريخ ليستبدل بذلك الحقيقة والموضوعية بالإيديولوجية بما هي تزييف للواقع وقلب للحقائق وتبرير للسلطة...؟

 

في الذكرى السابعة لرحيل نجيب محفوظ، استعادت الأوساط الثقافية المصرية مواقف صاحب "الثلاثية" وآراءه في المجتمع والسياسة والدين، ورصدت بشكل خاص قراءته لظهور حركة "الإخوان المسلمين" ونموِّها في نتاجه الأدبي الواسع، وذلك بعد مرور عام على تولي هذه الحركة الحكم، وما خلَّفته هذه التجربة القصيرة من ردود في وعي المصريين. شدَّد البعض على ليبيرالية الكاتب وعدائه المبطَّن للإسلاميين، ورأى البعض الآخر أنه صوَّر بكثير من التجرد نمو حركة "الإخوان"، ووصف بشكل غير منحاز صعود نجمها في العقود الأخيرة من القرن العشرين.

 

الساعة الثانية من فجر يوم 28 آب (أغسطس) تلقيت اتصالاً من إحدى الصديقات تصرخ بي وتؤنبني لأنني تأخرت في الردِّ على اتصالها، فتقول لي: "والله عال حضرتك نايمة والآن الضربة الأميركية علينا، هيا أسرعي وافتحي النوافذ؟". للوهلة الأولى اعتقدت أنني أحلم، لكن صراخها المذعور في أذنيَّ بضرورة أن أفتح النوافذ لئلا يتكسر الزجاج أثناء الضربة الأميركية المؤكدة – والتي لا يشك بها السوريون وحتى الأطفال منهم – وجدتني أتجه إلى الشرفة وأرنو إلى البحر. يا لسذاجتي كما لو أنني أتوقع أنَّ الضربة ستأتي من البحر، وبدا كل شيء ساكنًا – سكون القبور – وحاولت استنزاف شيء من رائحة القهوة وأنا أفكر أنها قد تكون المرَّة الأخيرة التي أشرب فيها القهوة. طلع الفجر ولم تتكسَّر النوافذ. مازحتنا أميركا التي تحب اللعب بأعصابنا ولم توجه ضربتها بعد.

 

كنت قد اعتمدت قاعدة أساسية حكمت سلوكي على مدى العقود المنصرمة تقوم على مبدأ يقول: "كلما خفضَّت من حاجاتك ارتقيت بحريتك". وفي التطبيق السياسي لهذا المبدأ نقول: بقدر ما توازن بين قدراتك الذاتية وأهدافك، بحيث يكون اعتمادك على ذاتك أساسيًا بينما اعتمادك على العوامل الخارجية ثانويًا، بقدر ما تمتلك من حرية القرار والإرادة، وإذا كانت السمة الأساسية للعصر الحديث هي العولمة، والترابط والتداخل والصراع بين المصالح الامبراطورية لقوى واحتكارات دولية تبتكر كل يوم أدوات جديدة "ناعمة" للتحكم والسيطرة والإخضاع واستلاب إرادة الشعوب بحيث تأتي القوة العسكرية المباشرة كخيار أخير، وليست كخيار أولي، كما كانت الحال في الامبراطوريات التقليدية، فإن مجرد التفكير بالانعزال عن المؤثرات الخارجية، والعمل دون أخذها في الحسبان ضرب من الوهم المدمِّر، لكن الكلمة الفصل في الموضوع هي: كيف تتعامل مع المؤثرات الخارجية؟ تقاوم بعضها، تحيِّد بعضها الآخر، تستفيد من مساندة البعض الثالث، تمتلك معرفة التناقضات بين المصالح الخارجية دون أن تنجرف لتكون ورقة تلعب بها الأطراف المتصارعة، ودون أن تحوِّل وطنك إلى ملعب لكل من هبَّ ودبَّ.

 

 

حمد العطار: ما هو رأيك بتدخل حزب الله الصريح على خط الصراع في سوريا دعمًا لقوات النظام؟ هناك تصريحات لك تفيد أنك تتفهم هذا التدخل.

نعوم تشومسكي: هنك فرق بين فهم دوافع التدخل وتبريره. لنكن واضحين، لا شيء يبرر تدخل حزب الله. إذا سألتني ماذا يعتقدون، فسأجاوب عن رأيي فيما يعتقدون هم. ولكن إن سألتني ما هو رأيي بقرارهم، فرأيي البسيط والواضح أنه لم يكن عليهم التدخل. لكني لست أباهم الروحي وهم لم يطلبوا نصيحتي.

بالعودة إلى رأيي فيما يعتقدون هم: إن لم يتدخلوا في القصير، فإنها كانت ستبقى في يد مقاتلي المعارضة، وهذا بالطبع يجسد انحدارًا في قوة النظام السوري، وبالتالي حصار الإمدادات الواصلة إليهم من إيران، وبالتالي ضعف قوتهم العسكرية تدريجيًا في وجه إسرائيل، وهي ذريعتهم الأساسية للاحتفاظ بالسلاح. مجددًا فإن خياري، والذي من الواضح أنه ليس خيارهم، كان بعدم التدخل في سوريا والعمل على تعزيز دورهم كقوة اقتصادية واجتماعية داخل لبنان، ومقاربة مفهوم قوة الردع بطريقة أخرى، المفهوم الذي برأيي لم يعد قائمًا بنفس الطريقة التي يظنها البعض. بصراحة لا يتم الانتباه هنا إلى ما يدور داخل إسرائيل في هذا الصدد، وهذا خطأ كبير. هناك أحاديث أن الإسرائيليين تعلموا من حرب 2006 أن أي حرب قادمة في لبنان لن تقوم على مبدأ خوض معركة برية طويلة مع حزب الله، الذي يملك ترسانة صاروخية كبيرة، وإنما ستكون حربًا خاطفة وسريعة تسعى للتدمير الشامل، ربما تدمير لبنان خلال يومين. وقوة الردع عند حزب الله لن تمنعهم.

 

 

تتميز المنهجية (القراءة) الأركونية في الدراسات الإسلامية بسمات عدة: أولاها انطلاقها من مكتسبات الحداثة الغربية، ومحاولتها ثانيًا تقوية الوظيفة النقدية للعلوم الاجتماعية من خلال تطبيقها على التراث الإسلامي. وهذه القراءة تختلف عن القراءات السائدة في الشرق والغرب، قديمًا وحديثًا لأنها تتسلح بالنقد، وتنقب في طبقات التراث لاستخراج مكبوته ولا مفكَّره، كما إنها تتوجه كذلك إلى الحداثة الغربية لتبرز مناقبها ومثالبها موظفة أداة أو آلية دعاها أركون "بالإسلاميات التطبيقية" من جهة و"الإسلاميات القانونية" من جهة أخرى.

فالأولى تروم دراسة التراث وفق منهجية حفرية تطال المكتوب والمُقال والمُعاش، كما تتوجه إلى الإسلاميات الكلاسيكية لنقدها وإبراز محدوديتها.

 

 

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني