أقامت معابر بالتعاون مع ملتقى سوريات يصنعن السلام ورشة تدريبية تحت
عنوان "النضال اللاعنفي وكسب التأييد"، عُقدت الورشة في دمشق 20- 21
تشرين الأول 2014.
شارك في الورشة مجموعة متدربين من محافظات: السويداء - حلب – طرطوس –
حمص – بالإضافة إلى دمشق، وهم ناشطو وناشطات عمل مدني من خلال فرق
عملهم التي تعنى بنشاطات وقضايا محلية مختلفة.
أدار الورشة كل من السيد حسن حميدوش والأنسة أميرة مالك حيث كانا
بمثابة ميسرين للجلسات والتمارين التفاعلية ومدربين من خلال خبرتهم
ومعلوماتهم في هذا المجال والناتجة عن العمل الفعلي في الواقع السوري
الحالي خلال العامين الماضيين، بالإضافة إلى ثقافتهم اللاعنفية، إضافة
إلى السيدة منى هلال.
تجدون هنا ملخصًا عن الخطوط العريضة ومحاور التدريب والنقاش.
ثمَّة
مفاهيم تفكِّر فيها عقولنا، وثمَّة مفاهيم تستهوينا وتنعش قلوبنا لكن
ثمَّة مفاهيم لا تفكِّر فيها غير الشَّرايين. إلى الصنف الأول تنتمي
مفاهيم العدالة والخير والفضيلة، وإلى الصنف الثاني تنتمي مفاهيم
الرَّغبة والجمال والمتعة. أمَّا مفهوم العنف فهو من الصنف الثالث
لأنَّه أكثر المفاهيم عداوة للتعقُّل والطمأنينة والسِّلم الدَّائمة.
يقول الفيلسوف الفرنسي الكبير جيل دولوز عن التفكير: "ضربات المقرعة
التي تدوِّي كأنَّها شرايين" وهو في ذلك يذكِّرنا بكلمة لنيتشه:
"كلماتي ليست كلمات، بل هي ديناميت فلسفي".
لقد
تلقَّيت رسالتك التي تعاتبينني فيها على أني، حين عبَّرت عن رأيي حول
الوحدة بين البوسنة والهرسك، لم أقل شيئًا بخصوص الأعمال القاسية
والظالمة التي ارتُكبت، وما زالت تُرتكب، في حقِّ بولونيا، بالإضافة
إلى أنَّك تشجبينني على فكرة وفلسفة عدم مقاومة الشرِّ، التي كأني أنا
من ابتدعها، قائلةً إنَّ هذه العقيدة أهلكت، وتهلك، روسيا. وكتبتِ أنَّ
سكارغا وكوخانوفسكي وكوستيوشكو وسلوفاتسكي وميتسكيفيج كانوا يُعلِّمون
شيئًا مختلفًا، وأنهم علَّموا النضال؛ النضال الذي يمكنه إنقاذ
بولونيا.
منذ أيام وصلتني رسالة من أحد الهنود، والذي عبَّر، بكلماتٍ أخرى، عن
الفكرة ذاتها، وعن ذات الخوف والاشمئزاز من عقيدة اللامقاومة. وقد أرسل
لي هذا الهندي، مع رسالته، مجلة هندستان الحرة
The free Hindustan،
التي يتصدَّر غلافها عبارة تقول إنَّ الصراع ضدَّ العنف بالعنف ليس فقط
مسموحًا به بل هو واجب، بينما اللامقاومة تتعارض مع متطلبات الغَيرية،
والأنانية كذلك:
«Non-resistance hurts both Altruism and Egoism».
وفي المجلة هناك أفكار مماثلة تمامًا لما تقولين. ويُصرِّح بهذه
الأفكار أيضًا جميع المناضلين الذين لا يناضلون فقط ضدَّ اضطهاد الشعوب
فحسب بل وضدَّ اضطهاد الطبقات كذلك. وجميعهم يتعاملون بغضبٍ بالغ مع
العقيدة المتعلقة بعدم مقاومة الشرِّ بالعنف، وكأنَّ العائق الرئيس
لتحرير الشعوب يكمن في هذه العقيدة. رغم أنَّ تحرُّر البشر، سواء
الشعوب أم الطبقات المستعبَدة - مهما بدا ذلك غريبًا - يكمن فقط فيما
يتمُّ رفضه، بهذا الحرص والعناد، من قِبلكِ، ومن قِبل صديقي الهندي،
وحتى من قِبل جميع قوَّاد الشعوب المقهورة والطبقات العاملة المضطهَدة.
وفضلاً عن أنه يُرفض؛ فإنه يحرِّض أشدَّ المشاعر خُبثًا وحقدًا تجاه
الذين يقترحون ذلك، مما يذكِّر بكلبٍ يعضُّ بشراسة من يريد حلَّ وثاقه.
أطاحت
مظاهرات شعبية سلمية بحكم الدكتاتور فرديناند ماركوس زعيم الفليبين في
شباط/فبراير عام 1986، بعد أقل من عامين على انطلاق مظاهرات عارمة ضد
حكمه. انطلقت المظاهرات بعد عملية اغتيال وسرقة للانتخابات من قبل نظام
ماركوس، ونجحت في فرض الانتقال السلمي للسلطة. على الرغم من أن هذا
التحول لم يكن دون صعوبات، إلا أن الحركة الشعبية في الفلبين تعتبر
مثالاً متميزًا عن المقاومة السلمية الفعَّالة.
وصول ماركوس إلى الحكم
بعد استقلال الفلبين انتخب ماركوس رئيسًا عام 1965 وسرعان ما بدأ حملة
واسعة لتعزيز سلطته على مفاصل الدولة، فأعاد هيكلة الجيش ووضع الأمن
والشرطة تحت سلطة القوات المسلحة وأسس فرقة لمكافحة الشغب عزز بها حرسه
الجمهوري ووضعها تحت قيادة ابن عمه "فابيان فير" الذي أصبح لاحقًا
قائدًا للقوات المسلحة. في الوقت ذاته، ضمن ماركوس ولاء العسكريين له
وأغدق عليهم المكافآت ومنحهم سلطات واسعة، وواصل تجميع الثروات بشكل
فاحش وأنهك اقتصاد البلاد بالقروض من الدول والمؤسسات الدولية.
عقدت مؤسسة اليوم التالي في مكتبها في إستانبول لقاء مفتوحًا مع
ثلاثة من قادة حلِّ الصراعات واللاعنف في العالم هم الشيخ جودت
سعيد من سوريا، والراهب إيفو ماركوفيتش من البوسنة، والحاخام مارك
غوبن من الولايات المتحدة. وقد حضر اللقاء نحو ثلاثين ناشطًا
وكاتبًا وصحفيًا ومفكرًا سوريًا. أدار الندوة وائل السوَّاح المدير
التنفيذي لليوم التالي. فيما يلي نص الحوار كما دار.